قصة الذّئب والغراب وابن آوى مع الجمل والأسد
كان أسد في الغابة مُجاورًا لأحد الطّرق المسلوكة. وكان له أصحاب ثلاثة: ذئب وغراب وابن آوى. ومرّ رعاة بذلك الطّريق ومعهم جِمال. فتأخّر منها جمل ودخل الغابة حتّى وصل إلى الأسد. فقال له الأسد: مِن أين جئتَ؟ فأخبره. قال: فيما حاجتك؟ قال: ما يأمرني به الملك. قال: تقيم عندنا في السعة والأمن والخصب. فبقي عنده زمنًا طويلاً.
مضى الأسد في أحد الأيّام لطلب الصّيد، فلقي فيلاً عظيمًا، فقاتله قتالاً شديدًا وأفلت منه وقد أوهنته الجراح وأضعفته. ولم يكد يصل إلى مكانه حتّى جلس لا يستطيع حراكًا، وحُرِمَ طلب الصّيد.
بقي الذّئب والغراب وابن آوى أيّامًا لا يجدون طعامًا لأنهم كانوا يأكلون من فضلات الأسد. فجاعوا وأصابهم الهزال. وقال لهم الأسد: لقد جعتم وصرتم بحاجةٍ إلى ما تأكلون.
فقالوا له: لا تهمّنا أنفسنا لكننا نرى الملك على هذه الحال، ونتمنّى أن يجد ما يأكله.
خرج الذّئب والغراب وابن آوى من عند الأسد وائتمروا في ما بينهم، وقالوا: ما لنا ولآكل العشب هذا الذي ليس شأنه من شأننا، ولا رأيه من رأينا! ألا نُزيّن للأسد أمره فيأكله ويطعمنا من لحمه؟
قال ابن آوى: لا نستطيع أن نذكر هذا للأسد.. لأنه قد أمّن الجمل على نفسه.
قال الغراب: أنّا أكفيكم الأسد.
ودخل على الأسد، فسأله: هل اصطدتُم شيئًا؟ قال الغراب: إنّما يصطاد مَن يسعى ويبصر. ونحن لا سعي لنا ولا بصر من الجوع. لكن قد وُفّقنا لرأيٍ اجتمعنا عليه، فإنّ وافقنا الملك فنحن له مُجيبون.
قال الأسد: وما ذاك؟
قال الغراب: هذا الجمل آكل العشب الذي يعيش بيننا من غير منفعةٍ لنا منه، ولا عمل له تعود علينا منه مصلحة..
فلمّا سمع الأسد ذلك غضب وقال: ما أبعدك عن الوفاء والرّحمة! لم يكن يصحّ منك أن تقول هذا مع أنّك تعلم أنّي أمّنت الجمل وجعلت له من ذمّتي، ولن أغدر به!
قال الغراب: إنّي أعرف ما يقول الملك. ولكن النّفس الواحدة يُفتدى بها أهل البيت. وأهل البيت يفتدى بهم القبيلة. والقبيلة يفتدى بها أهل المصر. وأهل المصر فدى الملك. وقد نَزِلَت بالملك حاجة، وأنا أجعل له من ذمّته مخرجًا.. فنحن سنحتال على الجمل بحيلةٍ، لنا وللملك فيها صلاح وظفر. فسكت الأسد عن جواب الغراب عند هذا الخطاب.
فلمّا عرف الغراب إقرار الأسد أتى صاحبيه، فقال لهما: قد كلّمت الأسد في أكل الجمل، على أن نجتمع نحن والجمل لدى حضرته. فنذكر ما أصابه ونتوجّع له اهتمامًا منّا بأمره، ويعرض كلّ واحد منا نفسه، فيردّه الآخران، ويُسفّهُ كلّ منهما رأيه، ويبين الضّرر في أكله. فإذا فعلنا ذلك سَلِمنا ورضي الأسد عنّا.
ففعلوا ذلك، وتقدّموا إلى الأسد، فقال الغُراب: قد احتجتَ أيها الملك إلى ما يُقويّك، ونحن أحقّ أن نهب أنفسنا لك، فإنا لك نعيش. فإذا هلكت فليس لأحدٍ بقاء بعدك، ولا لنا في الحياة من خيرةٍ. فليأكلني الملك، فأنا راض بذلك! فأجابه الذّئب وابن آوى: أسكت، فليس خير للملك في أكلك، وليس فيك شبع. قال ابن آوى: لكن أنا أشبع الملك. فليأكلني، فأنا راضٍ بذلك! فردّ عليه الذّئب والغراب بقولهما: إنّك منتن قذرٌ.
قال الذّئب: أنا لستُ كذلك، فليأكلني الملك، فأنا راضٍ، مُخلص النّية والضمير. فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: مَن أراد أن يقتل نفسه فليأكل لحم ذئب.
فظن الجمل أنّه إذا عرض نفسه على الأكل، التمسوا له عذرًا كما التمس بعضهم لبعضٍ، فيسلم، ويرضى الأسد عنه.
فقال: لكن أنا فيّ للملك شبع وريّ، ولحمي طيّب هنيّ، وبطني نظيف، فليأكلني الملك ويطعم أصحابه وحشمه. فقد رضيتُ بهذا عن طيب خاطر.
فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وتكرّم، وقال ما درى!
ثم إنّهم وَثَبوا عليه ومزّقوه.
مضى الأسد في أحد الأيّام لطلب الصّيد، فلقي فيلاً عظيمًا، فقاتله قتالاً شديدًا وأفلت منه وقد أوهنته الجراح وأضعفته. ولم يكد يصل إلى مكانه حتّى جلس لا يستطيع حراكًا، وحُرِمَ طلب الصّيد.
بقي الذّئب والغراب وابن آوى أيّامًا لا يجدون طعامًا لأنهم كانوا يأكلون من فضلات الأسد. فجاعوا وأصابهم الهزال. وقال لهم الأسد: لقد جعتم وصرتم بحاجةٍ إلى ما تأكلون.
فقالوا له: لا تهمّنا أنفسنا لكننا نرى الملك على هذه الحال، ونتمنّى أن يجد ما يأكله.
خرج الذّئب والغراب وابن آوى من عند الأسد وائتمروا في ما بينهم، وقالوا: ما لنا ولآكل العشب هذا الذي ليس شأنه من شأننا، ولا رأيه من رأينا! ألا نُزيّن للأسد أمره فيأكله ويطعمنا من لحمه؟
قال ابن آوى: لا نستطيع أن نذكر هذا للأسد.. لأنه قد أمّن الجمل على نفسه.
قال الغراب: أنّا أكفيكم الأسد.
ودخل على الأسد، فسأله: هل اصطدتُم شيئًا؟ قال الغراب: إنّما يصطاد مَن يسعى ويبصر. ونحن لا سعي لنا ولا بصر من الجوع. لكن قد وُفّقنا لرأيٍ اجتمعنا عليه، فإنّ وافقنا الملك فنحن له مُجيبون.
قال الأسد: وما ذاك؟
قال الغراب: هذا الجمل آكل العشب الذي يعيش بيننا من غير منفعةٍ لنا منه، ولا عمل له تعود علينا منه مصلحة..
فلمّا سمع الأسد ذلك غضب وقال: ما أبعدك عن الوفاء والرّحمة! لم يكن يصحّ منك أن تقول هذا مع أنّك تعلم أنّي أمّنت الجمل وجعلت له من ذمّتي، ولن أغدر به!
قال الغراب: إنّي أعرف ما يقول الملك. ولكن النّفس الواحدة يُفتدى بها أهل البيت. وأهل البيت يفتدى بهم القبيلة. والقبيلة يفتدى بها أهل المصر. وأهل المصر فدى الملك. وقد نَزِلَت بالملك حاجة، وأنا أجعل له من ذمّته مخرجًا.. فنحن سنحتال على الجمل بحيلةٍ، لنا وللملك فيها صلاح وظفر. فسكت الأسد عن جواب الغراب عند هذا الخطاب.
فلمّا عرف الغراب إقرار الأسد أتى صاحبيه، فقال لهما: قد كلّمت الأسد في أكل الجمل، على أن نجتمع نحن والجمل لدى حضرته. فنذكر ما أصابه ونتوجّع له اهتمامًا منّا بأمره، ويعرض كلّ واحد منا نفسه، فيردّه الآخران، ويُسفّهُ كلّ منهما رأيه، ويبين الضّرر في أكله. فإذا فعلنا ذلك سَلِمنا ورضي الأسد عنّا.
ففعلوا ذلك، وتقدّموا إلى الأسد، فقال الغُراب: قد احتجتَ أيها الملك إلى ما يُقويّك، ونحن أحقّ أن نهب أنفسنا لك، فإنا لك نعيش. فإذا هلكت فليس لأحدٍ بقاء بعدك، ولا لنا في الحياة من خيرةٍ. فليأكلني الملك، فأنا راض بذلك! فأجابه الذّئب وابن آوى: أسكت، فليس خير للملك في أكلك، وليس فيك شبع. قال ابن آوى: لكن أنا أشبع الملك. فليأكلني، فأنا راضٍ بذلك! فردّ عليه الذّئب والغراب بقولهما: إنّك منتن قذرٌ.
قال الذّئب: أنا لستُ كذلك، فليأكلني الملك، فأنا راضٍ، مُخلص النّية والضمير. فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: مَن أراد أن يقتل نفسه فليأكل لحم ذئب.
فظن الجمل أنّه إذا عرض نفسه على الأكل، التمسوا له عذرًا كما التمس بعضهم لبعضٍ، فيسلم، ويرضى الأسد عنه.
فقال: لكن أنا فيّ للملك شبع وريّ، ولحمي طيّب هنيّ، وبطني نظيف، فليأكلني الملك ويطعم أصحابه وحشمه. فقد رضيتُ بهذا عن طيب خاطر.
فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وتكرّم، وقال ما درى!
ثم إنّهم وَثَبوا عليه ومزّقوه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق